قال: (الدليل التاسع: قوله تعالى: (( وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ))[الزخرف:86]) فذكر الله تبارك وتعالى أن الذي تقبل شهادته هو من شهد بالحق وهو عالم، فيشهد شهادة حق، ويشهد بها عن علم. قال: وهذه الأخبار -يعني: ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- التي رواها الثقات الحفاظ عنه إما أن تكون حقاً، أو باطلاً، أو مشكوكاً فيها، فإن كانت باطلاً أو مشكوكاً فيها وجب اطراحها؛ ولهذا يرد الموضوع، ويرد أيضاً الضعيف؛ للشك فيه، ولا يلتفت إليها، وهذه انسلاخ من الإسلام بالكلية، أي: إذا جعلنا كل الأحاديث التي ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبيل ما هو باطل أو مشكوك فيه، ثم رديناها، فهذا انسلاخ من الإسلام بالكلية والعياذ بالله، وهذا لا يقول به عاقل.
وإن كانت حقاً فيجب الشهادة بها، فنقول لهم: أنتم بين هذين النوعين، فإن كانت حقاً وجب الشهادة بها على البت والقطع لا على سبيل الظن كما تزعمون، (( إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ))[الزخرف:86]، فنشهد شهادة عن علم أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك، وأمر به، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم.